الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

الضيمياء مذهب فلسفي جديد للكاتب حسن عجمي



يعتبر الكاتب حسن عجمي الباحث في الفلسفة الموقف الأصدق هو أن كل شيء يسعى فقط الى تحقيق ذاته واستمراريته ومن الظلم القاتل لمعارفنا أن نحلل ونفسر الحقائق والظواهر على ضوء مركزية الانسان , هذا ما طرحه الباحث من فكر فلسفي جدلي في كتابه الأخير الضيمياء . فيعرف الضيمياء : مذهب فلسفي يعنى بدراسة الضيم الذي نوقع على الأشياء والظواهر من خلال النظر اليها على أنها مجرد أدوات لدينا . فالموجودات عند عجمي لاتهدف الى نفعنا أو ضرنا بل هدفها ذاتها فقط . وعلى هذا الأساس لابد أن نعري الكون من مصطلحاتنا ومنا . والضيمياء ضرورة معرفية كي نخرج من سجون مسلماتنا الجاهزة ونتحرر من قيود يقينياتنا الكاذبة .
يعتبر حسن عجمي ضيمياء العقل تكمن في أننا نعتبر خطأ بأن العقل لخدمة الانسان . لكن الحق هو أن الانسان في خدمة العقل . لذا العقل قد يؤدي الى معارف تضرنا كما يؤدي الى معارف تفيدنا . مستشهدا بالسلاح النووي الذي أوصلنا اليه العقل بتهديد الجنس البشري كله . ومن هنا فأن العقل يسعى الى تحقيق وتطوير ذاته فقط وان على حساب الانسان.
ويطرح في ضيمياء الانسان أننا نظن خطأ ان الآخرين وجدوا من أجلنا. لكن الحق اننا نوجد من أجلهم. هكذا نتخلى عن أنانيتنا ونكتسب الأخلاق ولا نكون طغاة . فالانسان ليس محور الكون والوجود, بل وجد الانسان لخدمة الكون وكل مافيه بسبب امتلاكه لعقل متطور. هكذا وظيفة الانسان هي الحفاظ على الوجود وتطويره . و يوضح كيف ان الاعتقاد الكاذب بأن البشر الآخرين والموجودات وجدت لخدمة الأنا هو اعتقاد يؤدي الى الاقتتال والحروب . اذن كل اعتقاد هو سجن لنا لأنه اعتقاد بشيء دون آخر.
اما في ضيمياء الدين يقول حسن عجمي اننا نظن خطأ أن المتدين أو المؤمن هو الذي يتبع الدين الذي ساد في الماضي . لكن الحق هو أن المتدين أو المؤمن هو الذي يخلق دين المستقبل . فالدين يتشكل في المستقبل على ضوء تفكيرنا وتصرفنا اليوم . هكذا نحن من نصنع التراث والماضي لأننا من نصنع المستقبل . فالاديان كلها مقبولة لانها من النتاج الانساني . ومن هذا الفكر يؤكد حسن عجمي اننا نتحرر من الماضي وسجونه .
وفي ضيمياء المحدد واللامحدد يناقش الكاتب الظن الخطأ في أن يكون الفرد محددا في تفكيره وسلوكه . لكن الحق انه من الأفضل أن تكون غير محدد في كل تفاصيلك من أن تكون محددا فيها موضحا كيف أن لامحدديتك تمكنك من التكيف مع المتغيرات ما يؤدي الى نجاحك وأستمرارك . اما محدديتك فتجعلك فاشلا في التأقلم المستمر ما يؤدي الى فشلك وزوالك . ويعتبر عجمي اللامحدد ميزة المنتصر والحي أما المحدد فميزة المنهزم والميت . ويؤكد ان اللامحدد يحكم العالم, ولذا العالم موجود.
ومن ضيمياء الثقافة ظننا الكاذب بأن الثقافة مجموع السلوكيات والافكار المتبعة من قبل مجتمع او شعب ما . لكن الحق ان الثقافة هي خلق لسلوكيات وأفكار جديدة بدلا من اتباع عادات وتقاليد قديمة . ويشير الكاتب الى ان الشعب الذي يتبع تقاليد أجداده وأفكارهم هو شعب مسجون في قبور أجداده . فالثقافة التي نصنعها اليوم تتشكل في المستقبل بدلا من أن تكون هي التي تصنعنا . هكذا يقول حسن عجمي نتحرر من ظلام يقينياتنا السلوكية والفكرية.
فضيمياء المثقف هي الاعتبار الكاذب بأن المثقف هو الحامل لمعلومات عديدة . بل الحق هو ان المثقف هو الخالق لمعلومات جديدة . هكذا يكون المثقف متحررا من سجون الآخرين وأفكارهم وسلوكياتهم .
وفي الجانب المشرق للسعادة يتطرق عجمي فيقول تسيطر ضيمياء السعادة في ظننا الكاذب بأنه لابد من البحث عن السعادة . في حين السعادة هي ما أنت عليه . فعندما تكون أنت أداة السعادة اذن من الطبيعي ان لا تفترق عن السعادة . فابسعاد الآخرين تحقق سعادتك . أي السعادة كامنة في كونك أداتها . لذا لا سعادة لفرد واحد ان لم تكن للجميع.
ويتوصل حسن عجمي في آخر ضيميائية الى ان الضيميائية فلسفة الكشف عن الضيم الذي يصيب عقلنا الذي يسجننا في يقينياته الكاذبة . فكل اعتقاد سجن وكل رغبة سجن لنا لانها رغبة بشئ دون اخر . و للخروج من ضيم أفكارنا ورغباتنا وسلوكنا لا بد أن نخلع ذواتنا باستمرار وأن نستبدلها بذوات أخرى ممكنة . هكذا الآخر الممكن يحررنا لأنه من صنعنا نحن بالذات. الضيميائية مذهب فلسفي يرينا كيف اننا نظن كذبا بأن كل شيئ أداة في خدمتنا بينما الحق أننا نحن أدوات في خدمة كل شيء آخر. قد تكون هذه الحقيقة مؤلمة , لكن ألمنا يفيدنا.

كتاب الضيمياء يستحق القراءة والتأمل لانه يدرس الضيم الذي يقع على الفكر مشخصا الكاتب وظيفة الضيمياء في ازالة هذا الظلم . فتقبل العلم الى النظرة العلمية للامور وصولا الى التفكير العلمي أي رؤية الباحث حسن عجمي تمنح الانسان فكرا متنورا منفتحا و لامحدودا يوسع الافاق المعرفية لذهنية الانسان بتطوير أفكاره فيتحرر من سجون معتقداته الكاذبة وبذلك يتقبل الاخر ويتعاطى معه على أنه انسان وبذلك يحقق انسانيته.

رؤى البازركان
















تعليق:

Ciao sono passato per salutarti ,un grosso saluto dall'Italia.Eugenio